الثلاثاء، 25 مارس 2014

أي بنوجـري... "احمد الصغير"


بالصدفه البحته دخلت احدي المكتبات الصغيره في وسط البلد والتي اعتز بها رغم صغر حجمها الا انها مليئه بالكتب النوبيه والسودانيه و في الوسط منها وجدت كتاب رغم ركاكة تصميم الغلاف الا ان اسمه شدني بسرعه فهو ليس مجرد اسم عن النوبه بل اسم نوبي وبالماتوكي ايضا "آي بنوجري" انا راحل"..اسم مفاجئ صادم مفاجئ لم اتوقعه ابدا.
نظره سريعه علي الكتاب لتكتشف ان الكاتب ليس نوبيا فهو من قنـا وبالتاكيد ليست لدي اي مشكله في ان يكتب غير النوبين عن النوبه ومشاكلها والتهجير فكاتب مثل نبيل راغب وهو غير نوبي كتب احدي اجمل الروايات عن النوبه والنوبين وهي "نزوه نوبيه" فلايوجد اي مشكله في ان يتناول اي شخص اي مشكله او موضوع للكتابه عنه سواء كان منتمي للموضوع الذي يحكي عنه او لا.
المهم..يصدمنا الكاتب احمد الصغير منذ الوهله الاولي بالنظر للغلاف فهو ركيك الي ابعد مدي وليس اكثر من صوره من متحف النوبه وصورة بنت لاتبدو ملامحها مشابهه للبنات النوبيات باي حال ولكن الجواب مش شرط يبان من عنوانه لذا قررت شراء الكتاب وقراءته بدل من تكوين انطباع عنه من مجرد النظر للغلاف.
للأسف بعد قراءه الصفحات الاولي من الروايه اكتشفت ان المقوله التاريخيه "الجواب بيبان من عنوانه" صحيحه في هذه الحاله الي ابعد مدي فالروايه مثل غلافها ركيكه الي ابعد مدي فالكاتب لم يكلف نفسه في الاغلب عناء التجديد فالامر بالنسبه له لم يكن اكثر من بحث من ابحاث المدرسه او الجامعه مجرد تجميع للمعلومات والافكار لحشرها في File يتم تقديمه في المحاضره للمدرس او الدكتور.فالروايه هي تجميع لأغلب الروايات النوبيه بدء من الشمندوره"خليل قاسم" ومرورا بتجميع بعض اعمال إدريس علي ويحيي مختار حتي انه لم يبذل عناء اختيار تيمه مختلفه للحديثه حولها فالروايه تدور عن فتره التهجير والتي لم يعاصرها الكاتب فهو من مواليد السبعينات علي عكس كل الكتاب والادباء النوبين الذين تناولوا الموضوع وان كان هذا لامثل مشكله علي الاطلاق في العمليه الادبيه فمن الطبيعي ان يكتب االادباء والروائيين طوال الوقت عن احداث لم يعايشوها و لكن الازمه هنا تتعلق بطريقة تناول اي كاتب للاحداث ولكن احمد الصغير توقف طويلا عند نفس الطريقه التي تناول بها الكثير من الكتاب نفس الاحداث دون ان يحتاج الي اي اضافات او تغييرات.
يبدء من اول صفحه يتحدث عن العمه بيهه وافكارها ودارها واهتمامها بالبنات في القريه ثم وصف دقيق وممل احيانا لبيوت القريه بالوانها وزيناتها وتوزيعاتها وكل مايمكن تخيليه عن النجع بما فيه وما ليس فيه.والشخصيه البطله هنا هي فتاه بريئه ذكيه الي ابعد مدي تحب ولد معروف باخلاقه وطيبته في القريه باكملها الخ الخ الخ...
نفس التيمه التي تكررت كثيرا ونفس الرمزيه عن البراءه والطهاره والقيم الانسانيه والمستقبل الغامض الملي بالماده او بالافكار الغريبه والبنت تموت في النهايه ويكون هذا ايضا نفس يوم تهجير القريه والتي هي هنا قرية دهميت مما يؤخر البوسطه والتهجير ويعطينا الكاتب عظة الروايه او الحكمه المطلوب توصيلها للقاري وللاسف فهو هنا لم يحاول الاكتفاء بالرمزيه في وفاة الفتاه وتأجيل السفر ولم يكتفي  ايضا بان يكتب لنا الامر بشكل ما في الروايه بل كتبه علي ظهر الكتاب وكأنه يعطينا درس ما "تم تأجيل الرحيل عدة اشهر لحدوث حالة وفاه مفاجئه..عدة أشهر هي كل ما استطاعت رحيل ان تمده في عمر النجع قبل ان يُهجر للابد" حتي اسم بطلة الروايه "رحيل" لم يكن خاليا من رمزيه مكثفه هنا..وان كنا تقبلنا هذا  لبعض الوقت من كتاب نوبين فهذا ليس لشئ الا لإنتمائهم الي جيل الستينات وافكاره التي لايمكن ان نتقبلها من شاب مواليد نهاية السبعينات علي اية حال.
لم يحاول الكاتب تقديم اي رؤيه جديده عن النوبه والنوبين او حتي عن عملية التهجير..لم يحاول تقديم محاوله ادبيه جديده حتي علي المستوي الفني فمن يقرء الشمندوره 1966 سيجد انها قدمت علي المستوي الادبي ما هو اهم بكثير من رواية تصدر في القرن ال21 اي ان فارق 40 سنه بين الروايتين لم يكن في مصلحة احمد الصغير بل العكس تماما.وكذلك تبدو قصص يحيي مختار القصيره اهم بكثير علي مستوي التناول والسرد لنفس الاحدث اي عملية التهجير وماساة النوبين فهو مثلا وفي قصته القصيره "الألـج" نجح في تناول كل مأساه التهجير من خلال منزل في قرية في محافظة القليوبيه واي جمال و روعه اكثر من هذا.بينما عاني احمد الصغير في هذه الروايه من حاله من الفقر الفني والابداع في تناول لفكرة الموضوع عامة او في الرمزيه حيث تبدو رمزيته فجه ومكثفه وكـأنه يحاول ان يضع كل شئ في صفحات الكتاب ال174 ومحاولاته تقديم الثنائيات طوال الوقت فمثلا رحيل وحبيبها مصطفي وماحدث لهما بعد سفره ليدرس في القاهره هي نفس قصة العمه بيهه والدكتور حسين وهكذا.
لم يقدم الصغير شيئا جديدا او مثيرا يدفع احد لقراءة روايته سوي الاسم الماتوكي الذي ظهر لاول مره علي غلاف روايه مصريه.
آي بنوجـري...