يحتاج هذا الموضوع إلي بعض التوضيح…هل شكلوا حكما مستقلا ام إدارة ذاتيه تحت النفوذ الإسمي للولاه في القاهره مقابل ضريبه سنويه؟و ماهي مناطق نفوذهم في إي من الحالتين؟ و كيف أستمر هذا النظام نحو ثلاثة قرون؟
الأغلب ان الكاشف كان نظاماْ متمما للحكم في مصر في صورة إلتزام مقابل إستقرار الأمور و إستمرار التجاره و بعبارة أخري كانت النوبه تحت إدارة الشاف دويلة ذاتية عميله لمصر في مواجهة سلطنة الفنج التي أمت نفوذها في فترات قوتها إلي دنقله.
هل صحيح ان الدوله نسيت هذه الحاميات العسكريه كما ذكر كل الذين كتبوا عنهم؟ ربما سقطت رواتبهم و لكنهم كانوا موجودين و معروفين لدي القاهره_علي الاقل نتيجة إرسالهم الضريبه السنويه.و حاكم إسنا أو أسوان له صلة و مراسلات بهم و يكتب خطابات توصيه لأشخاص يمرون بالنوبه يأخذها الكشاف علي محمل الجد و لا يخالفونها إلا بدهاء يجعلهم غير مسئولين عما وقع خلافا للتوصيه.إذن الدوله في مصر لم تنسي الكشاف و إنما أغلب الأمر أنها تركتهم يدبرون أمورهم داخل النوبه و بمواردها المحليه و ربما أمدتهم بالسلاح أو سهلت لهم الحصول عليه من السوق المصريه للإبقاء علي فاعليتهم العسكريه ضمانا للحدود الجنوبيه.
أما كيف استمروا في الوجود فيرجع ذلك غلي سياسة تزواجهم مع بنات وجهاء النوبين و أغنيائهم و تزويج أبنائهم علي هذا النحو.لهذا تقول بعض المصادر ان الكاشف كان له زوجات عديدات لم يجمعهم في حريم داخل قصر،و إنما يبقيهن في قراهن و بذلك يشرف هو و أبناؤه علي ممتلكات الأمهات في نواح عديده من النوبه. لهذا تكاثر الكشاف بحكم النسب الابوي و أصبحوا قوه عصبيه داخل جسم النوبين الذين هم أنسبائهم و أخوالهم علي مر الأجيال و لاشك ان الابناء يتلقون تعليما عسكريا يسمح لهم بإستمرار النفوذ و مساعدة الكاشف الكبير الذي يسكن الدر و هذا الاخير يندب أخا او ابنا لممارسة جمع الضرائب من الاهالي في مناطق معينه من النوبه مما خلق نسيجا متشابكا من الحكم يمتد الي ماتصل إليه قوة الكشاف.
و قد أدي التعسف في جمع الضرائب إلي هجرات سكان نجوع بأكملها في أحيان"1" مما يعطي الفرصه للكاشف تمليك الأرض التي هجرها أصحابها إلي بعض القادرين علي الوفاء بالضريبه المفروضه عليها او تمليكها لأبنائه و أقاربه خاصة أراضي الجرف الي تحاذي ضفة النهر مباشرة و هي اسهل في ريها واغناها محصولا و هذه التصرفات كانت تعني تغير أشكال الملكيه و تغير الملاك بل و تغير بعض السكان في النجوع و القري من حين لآخر طوال حكم الكشاف للنوبه. ولكن الامور استقرت بعد ان اصدرت الحكومه المصريه قرارا عام 1902 بتثبيت ملكية الارض لمن يزرعها و بالتالي فان الكثير من إدعاءات ذرية الكشاف علي اراض كثيره انتهت و انتهت معها سطوة كانت تمثل زاويه باقيه من زوايا النفوذ القديم للكشاف و لم يبق لهم الا الاراضي التي ىلت إليهم بالميراث شأنهم شأن بقية النوبين في ذلك و يجب ان نلاحظ ان ذلك قد مس اراضي جنوب النوبه من كورسكو الي أدندان حيث كان الكشاف و أتباعهم يتركزون في الاراضي الغنيه بينما لانلحظ ذلك في وسط و شمال النوبه لن نفوذهم في تلك المناطق كان غاليا مايقتصر علي فرض الضرائب.
حكم الكشاف كان يمتد من بلاد الكنوز إلي بلاد المحس لكن مركز الحكم كان هو اقليم النوبين في مصر إلي بلاد السكوت_إي يمتد من نحو كورسكو إلي جنوب الشلال الثاني و هذه هي أخصب بلاد النوبه بإطلاق فيما عدا السهل الغني في اقليم دنقله و كانت قري الكنوز الشماليه تقف أحيانا في وجه الكشاف و بخاصة قــــرشــــه فلا تدفع الخراج المطلوب او تدفع اقل منه .و ربما كان ذلك ناجما عن اقتراب هذه المناطق من مركز الحكم المصري في اسوان كذلك كان عرب العليقات يدفعون ضريبه لكن الكشاف لم يكونوا يعاملونهم بنفس أسلوب معاملة الكنوز لقوة العليقات التجاريه و حسن تسليحهم و في داخل مركز الكشاف كانت هناك قوه اخري أحيانا مناوءه متمثله في أغا أبريم الذي يمتد نفوذه غير بعيد من جنوب الدر حتي توشكي وأغا جزيرة صاي في شمال بلاد المحس و أغلب الكشاف يعودون باصولهم الأولي إلي البُشناق و المجر و غيرهم من بلاد البلقان و العثمانيه.أما حكام جزيرة صاي فكانوا من الأكراد و كلهم كانوا يتكلمون التركيه العثمانيه و لاتزال بعض الأسماء تشير إلي ذلك الاصل البعيد مثل مجموعة المجراب التي كانت متنشره في منطقة حلفا أو أسماء بعض الأماكن و القري مثل الكارانوج حيث كارا او قره كلمه تركيه بمعني أسود و نوج مصطلح نوبي بمعني بيت أو مجتمع نسبي.
و علي الرغم من قوة الكشاف إلا إنهم لم يكونوا ندا للمماليك الهاربين من وجه محمد علي فبرغم هزيمة المماليك أمام إبراهيم باشا في كـشــتــمــنـــه"في النوبه الشماليه" عام 1811 إلا إنهم زحفوا جنوبا إلي الدر و ابريم و أستولوا علي قلعتها في العام التالي و أستولوا علي 1200 بقره و أغنام كثيره و أموال فديه الأغا و السكان و حاصورا بعض القوات المصريه التي كانت تطاردهم ثم زحفوا جنوبا الي المحس و استقروا في دنقله"2" مكونين دوله مملوكيه لم تعمر سوي تسع سنوات من التنظيم و الاداره انتهت بدخول كل السودان في حوزة مــصـــر.
………………..
1-أشار الرحاله الروسي الأمير بوكلر- موسكاو(1837)الي قري نوبيه هجرها اهله جماعيا و ارتحلوا في وقت قريب من زيارته الي مواطن جديده في دارفور و ربما تكون هذه إشاره الي ان النوبين كانوا يمارسون هجره جماعيه لسبب او اخر في أحيان متعدده إلي كردفان او دارفور مما يفسر الانتشار الواسع للهجات النوبيه خارج النوبه و هو ماادي ببعض العلماء الي اعتبار كردفان الوطن الاصلي للفات النوبيه .
2-أقام المماليك دوله لهم في اقليم دنقله و أنشاوا عاصمة هي دنقله الجديده(الموقع الحالي) التي اصبحت مركزا تجاريا تفد إليه القوافل من دارفور و شجعوا النوبين علي استخدام الساقيه و قضوا علي سطوة الشايقيه نهائيا و كان عدد المماليك نحو 500 فارس فقط لكنهم سرعان ما كونوا جيشا قويا من العبيد المسلحين بالرماح و القسي بينما أختص المماليك بالسيوف و الاسلحه الناريه و الخيولو أستمرت هذه الدوله 9 سنين إنتهت بفتح السودان1820